تعرفتُ إلى بورتر أندرسون عام 2017، في وقتٍ كان فيه سوق الكتب المدرسية في جورجيا يمر بمرحلة شديدة الصعوبة. اتصل بي بورتر حينها وطلب إجراء مقابلة مطوّلة حول هذا الموضوع. كنتُ مندهشة، وممتنّة بعمق، لأن رئيس تحرير وسيلة إعلام دولية كبرى مثل Publishing Perspectives، يكتب من الطرف الآخر من العالم، قد خصّص كل هذا الوقت للاهتمام بتحديات بلدٍ صغير، وبحث القضية بعمق، وكتب مقالًا ممتازًا تناول فيه كل ما كان يحدث آنذاك. ومنذ تلك اللحظة، لم يفوّت بورتر أي قصة مهمة قادمة من جورجيا. وأذكر على وجه الخصوص دعمه غير المشروط عندما كانت جورجيا ضيف شرف معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، وكذلك زيارته الأولى والوحيدة إلى تبليسي خلال فترة الجائحة، حين اختارت اليونسكو تبليسي عاصمة عالمية للكتاب.

على مرّ السنوات، تطورت علاقتنا إلى صداقة دافئة وصادقة للغاية. وكغيره من العاملين في قطاع النشر، كنت ألتقيه دائمًا حيثما كان ينبض قلب صناعة النشر العالمية — في معارض الكتب، والمؤتمرات، والبرامج المهنية. كان يبدو دائمًا وكأنه على متن طائرة، ينتقل لمسافات طويلة من قارة إلى أخرى، ليواكب نبض هذه الصناعة وينقله إلينا. وفي كثير من الأحيان، عندما كنّا نحن الناشرين نجتمع في نهاية يوم طويل لقضاء أمسية لطيفة معًا، كان بورتر يعود إلى فندقه ليباشر فورًا كتابة تقاريره ونقل ما جرى إلى قرّائه. لقد عمل بلا كلل، وربما لهذا السبب أصبحت Publishing Perspectives مساحةً أُتيح فيها للجميع — من الأسواق الكبيرة والمتوسطة والصغيرة — أن تُسمَع أصواتهم، ومنصةً مكّنتهم من التواجد في قلب طاقة عالم النشر العالمي، ليكونوا مرئيين، ومطلوبين، ومفهومين. ويعود الفضل الأكبر في ذلك إلى بورتر أندرسون.

أصبح بورتر بمثابة تميمةٍ مرافقة في مسيرتي المهنية، واليوم، أكثر من أي وقت مضى، أشعر أنه كان حاضرًا إلى جانبي طوال هذه السنوات. عدتُ مؤخرًا إلى مراسلاتنا؛ تبادلنا عددًا لا يُحصى من الرسائل الإلكترونية، وكان حاضرًا في كل مرة خطوتُ فيها خطوة جديدة في مسيرتي.

لكن بورتر لم يكن داعمًا لي وحدي. وقد ازددتُ إدراكًا لذلك عندما توليتُ رئاسة الاتحاد الدولي للناشرين (IPA)، وارتقت شراكتنا إلى مستوى جديد. مما رأيتُه، ومما لم أره، أنا على يقين تام بأن بورتر أندرسون كان شخصية فاعلة، كريمة، وداعمة في حياة عدد لا يُحصى من الناشرين، وفي قطاعات واسعة من صناعتنا.

أود أن أعبّر عن خالص امتناني له على التفاني المهني الذي جسّده يومًا بعد يوم. وأود أن أشكره، وأن أقول بصراحة إنني أدين له بالفضل في العديد من المحطات المفصلية في مسيرتي. شكرًا لك لأنك أحببتَ صناعة النشر بصدق، ولأنك اهتممتَ بنا بعمق، ودعمتنا دون شروط. لقد كان خبر رحيلك صدمةً موجعة لي، وأؤمن بأن خسارتك تمثل خسارةً فادحة لصناعتنا بأسرها.

بورتر، يا صديقي العزيز، ارقد بسلام، وشكرًا لك على كل شيء. لن أنسى لطفك أبدًا.